على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل له منهما مخرجا، يا أباذر لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشنك إلا الباطل.
ثم قال لأصحابه: ودعوا عمكم، وقال لعقيل: ودع أخاك.
فتكلم عقيل فقال:
ما عسى أن نقول يا أباذر! أنت تعلم أنا نحبك وأنت تحبنا فاتق الله، فإن التقوى نجاة، واصبر فإن الصبر كرم، واعلم أن استثقالك الصبر من الجزع، واستبطاءك العافية من اليأس، فدع اليأس والجزع.
ثم تكلم الحسن (عليه السلام) فقال: يا عماه! لولا أنه لا ينبغي للمودع أن يسكت، وللمشيع أن ينصرف لقصر الكلام وإن طال الأسف، وقد أتى القوم إليك ما ترى، فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها، وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها، واصبر حتى تلقى نبيك (صلى الله عليه وآله) وهو عنك راض.
ثم تكلم الحسين (عليه السلام) فقال: يا عماه! إن الله تعالى قادر أن يغير ما قد ترى، والله (كل يوم هو في شأن). (1) وقد منعك القوم دنياهم، ومنعتهم دينك، فما أغناك عما منعوك، وأحوجهم إلى ما منعتهم، فاسأل الله الصبر والنصر.
واستعذ به من الجشع والجزع، فإن الصبر من الدين والكرم، وإن الجشع لا يقدم رزقا، والجزع لا يؤخر أجلا.
ثم تكلم عمار (رحمه الله) مغضبا فقال: لا آنس الله من أوحشك، ولا آمن من أخافك، أما والله! لو أردت دنياهم لآمنوك، ولو رضيت أعمالهم لأحبوك، وما منع الناس أن يقولوا بقولك إلا الرضا بالدنيا، والجزع من الموت، ومالوا إلى ما سلطان جماعتهم عليه، والملك لمن غلب، فوهبوا لهم دينهم، ومنحهم القوم دنياهم، فخسروا الدنيا