منها اصدار حاجات الناس عند ورودها عليك بما تحرج (1) به صدور أعوانك وامض لكل يوم عمله فان لكل يوم ما فيه واجعل لنفسك فيما بينك وبين الله أفضل تلك المواقيت وأجزل تلك الأقسام وان كانت كلها لله إذا صلحت فيها النية وسلمت منها الرعية وليكن في خاصة ما تخلص لله به دينك إقامة فرائضه التي هي له خاصة فاعط الله من بدنك في ليلك ونهارك ووف ما تقربت به إلى الله من ذلك كاملا غير مثلوم ولا منقوص بالغا " من بدنك ما بلغ وإذا قمت في صلاتك للناس فلا تكونن منفرا " ولا مضيعا " فان في الناس من به العلة وله الحاجة وقد سألت رسول الله صلى الله عليه وآله حين وجهني إلى اليمن كيف اصلى بهم فقال صل بهم كصلاة أضعفهم وكن بالمؤمنين رحيما " واما بعد هذا فلا تطولن احتجابك عن رعيتك فان احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق وقلة علم بالأمور والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير ويعظم الصغير ويقبح الحسن ويحسن القبيح ويشاب الحق بالباطل وانما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور وليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب وانما أنت أحد رجلين اما امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق ففيم احتجابك من واجب حق تعطيه أو فعل كريم تسديه أو مبتلى بالمنع فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك مع أن أكثر حاجات الناس إليك مما لا مؤونة فيه عليك من شكاة مظلمة أو طلب انصاف في معاملة ثم إن للوالي خاصة وبطانة فيهم استئثار وتطاول وقلة انصاف في معاملة فاحسم مادة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال ولا تقطعن لاحد من حاشيتك وحامتك (2) قطيعة ولا يطمعن منك في اعتقاد عقدة تضر بمن يليها من الناس من شرب أو عمل مشترك يحملون مؤونته على غيرهم فيكون مهنأ ذلك لهم دونك وعيبه عليك في الدنيا والآخرة والزم الحق
(٣٣٩)