ولا يعجز عن اطلاق ما عقد عليك ولا يجهل مبلغ قدر نفسه في الأمور فان الجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل، ثم لا يكن اختيارك إياهم على فراستك واستنامتك (1) وحسن الظن منك فان الرجال يتعرفون (2) لفراسات الولاة بتصنعهم وحسن خدمتهم وليس وراء ذلك من النصيحة والأمانة شئ ولكن اختبرهم بما ولوا للصالحين قبلك فاعمد لأحسنهم كان في العامة اثرا " واعرفهم بالأمانة وجها " فان ذلك دليل على نصيحتك لله ولمن وليت امره واجعل لرأس كل امر من أمورك رأسا " منهم لا يقهره كبيرها ولا يتشتت عليه كثيرها ومهما كان في كتابك من عيب فتغابيت (3) عنه ألزمته ثم استوص بالتجار وذوي الصناعات وأوص بهم خيرا " المقيم منهم والمضطرب بما له والمترفق ببدنه (4) فإنهم مواد المنافع وأسباب المرافق وجلابها من المباعد والمطارح (5) في برك وبحرك وسهلك وجبلك وحيث لا يلتئم الناس لمواضعها ولا يجترؤن عليها فإنهم سلم لا تخاف بائقته (6) وصلح لا تخشى غائلته (7) وتفقد أمورهم بحضرتك وفى حواشي بلادك واعلم مع ذلك أن في كثير منهم ضيقا " فاحشا " وشحا " قبيحا " و احتكارا " للمنافع وتحكما " في البياعات (8) وذلك باب مضرة للعامة و عيب على الولاة فامنع من الاحتكار فان رسول الله صلى الله عليه وآله منع منه وليكن البيع بيعا " سمحا " (9) بموازين عدل واسعار لا تجحف بالفريقين من البايع والمبتاع فمن قارف (10) حكرة بعد نهيك إياه فنكل (11) به وعاقبته في غير إسراف ثم الله الله في الطبقة السفلى من
(٣٣٧)