وبالجملة، فمعرفة حقيقة الاخلاص، والعمل به بحر عميق يغرق فيه الجميع إلا الشاذ النادر المستثنى في قوله تعالى: إلا عبادك منهم المخلصين. 1 فليكن العبد شديد التفقد والمراقبة لهذه الدقائق، وإلا التحق بأتباع الشياطين وهو لا يشعر 2.
والامر الثاني: استعمال ما يعلمه كل منهما شيئا فشيئا، فإن العاقل همه الرعاية، والجاهل همه الرواية، وقد روي عن علي عليه السلام أنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: العلماء رجلان: رجل عالم آخذ بعلمه، فهذا ناج، وعالم تارك لعلمه، فهذا هالك. وإن أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه. وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبدا إلى الله تبارك وتعالى فاستجاب له وقبل منه، فأطاع الله فأدخله الجنة، وأدخل الداعي النار بتركه علمه، واتباعه الهوى، وطول الامل، أما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وطول الامل ينسي الآخرة 3.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا 4.
وجاء رجل إلى علي بن الحسين عليهما السلام فسأله عن مسائل، فأجاب، ثم عاد ليسأل مثلها، فقال علي بن الحسين عليهما السلام:
مكتوب في الإنجيل: لا تطلبوا علم ما لا تعلمون ولما تعملوا بما علمتم، فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزد صاحبه إلا كفرا، ولم يزدد من الله إلا بعدا 5.
.