وليعط الكتاب الذي يقرؤه والفن الذي يأخذه كليته، حتى يتقنه، حذرا من الخبط والانتقال المؤدي إلى التضييع وعدم الفلاح، ومن هذا الباب الاشتغال بكتب الخلاف في العقليات ونحوها، قبل أن يصح فهمه، ويستقر رأيه على الحق، ويحسن ذهنه في فهم الجواب، وهذا أمر يختلف باختلاف النفوس، والانسان فيه على نفسه بصيرة.
الثالث: 1 أن يعتني بتصحيح درسه الذي يحفظه قبل حفظه تصحيحا متقنا على الشيخ أو على غيره ممن يعينه، ثم يحفظه حفظا محكما، ثم يكرره بعد حفظه تكرارا جيدا، ثم يتعاهده في أوقات يقررها لمواظبته 2، ليرسخ رسوخا متأكدا، ويراعيه بحيث لا يزال محفوظا جيدا، ولا يحفظ ابتداء من الكتب استقلالا من غير تصحيح، لأدائه إلى التصحيف والتحريف، وقد تقدم 3 أن العلم لا يؤخذ من الكتب، فإنه من أضر المفاسد سيما الفقه.
الرابع: أن يحضر معه الدواة والقلم والسكين للتصحيح، ويضبط ما يصححه لغة وإعرابا وإذا رد الشيخ عليه لفظة، فظن أو علم أن رده خلاف الصواب كرر اللفظة مع ما قبلها ليتنبه لها الشيخ، أو يأتي بلفظ الصواب على وجه الاستفهام، فربما وقع ذلك سهوا أو سبق لسان لغفلة، ولا يقل بل هي كذا، فإن رجع الشيخ إلى الصواب فذاك، وإلا ترك تحقيقها إلى مجلس آخر بتلطف، ولا يبادر إلى إصلاحها على الوجه الذي عرفه، مع اطلاع الشيخ أو أحد الحاضرين على المخالفة، وكذلك إذا تحقق خطأ الشيخ في جواب مسألة، وكان لا يفوت تحقيقه، ولا يعسر تداركه، فإن كان كذلك 4.