الثامن: أن يأخذ في ترتيب التعلم بما هو الأولى، ويبدأ فيه بالأهم فالأهم فلا يشتغل في النتائج قبل المقدمات، ولا في اختلاف العلماء - في العقليات والسمعيات - قبل إتقان الاعتقاديات، فإن ذلك يحير الذهن ويدهش العقل.
وإذا اشتغل في فن، فلا ينتقل عنه حتى يتقن فيه كتابا، أو كتبا إن أمكن وهكذا القول في كل فن.
وليحذر التنقل من كتاب إلى كتاب، ومن فن إلى غيره من غير موجب، فإن ذلك علامة الضجر وعدم الفلاح، فإذا تحققت أهليته، وتأكدت معرفته، فالأولى له أن لا يدع فنا من العلوم المحمودة، ونوعا من أنواعها إلا وينظر فيه نظرا يطلع به على مقاصده وغايته، ثم إن ساعده العمر وأنهضه التوفيق، طلب التبحر فيه، وإلا اشتغل بالأهم فالأهم، فإن العلوم متقاربة وبعضها مرتبط ببعض غالبا.
واعلم أن العمر لا يتسع لجميع العلوم، فالحزم أن يأخذ من كل علم أحسنه،