كان يسيرا، وبما يستر مثله من اللباس وإن كان خلقا، فبالصبر على ضيق العيش تنال سعة العلم، ويجمع شمل القلب عن مفترقات الآمال، ليتفجر عنه ينابيع الحكمة والكمال.
قال بعض السلف 1: لا يطلب أحد هذا العلم بعز النفس فيفلح، ولكن من طلبه بذل النفس وضيق العيش وخدمة العلماء أفلح.
وقال أيضا: لا يصلح طلب العلم إلا لمفلس. فقيل: ولا الغني المكفي.
فقال: ولا الغني المكفي 2.
وقال آخر: 3 لا يبلغ أحد من هذا العلم ما يريد حتى يضربه الفقر، ويؤثره على كل شئ.
وقال بعضهم: 4 لا ينال هذا العلم إلا من عطل دكانه، وخرب بستانه، وهجر إخوانه، ومات أقرب أهله فلم يشهد جنازته.
وهذا كله وإن كان فيه مبالغة، فالمقصود به أنه لا بد فيه من جمع القلب واجتماع الفكر. وبالغ بعض المشايخ فقال لبعض طلبته: اصبغ ثوبك حتى لا يشغلك فكر غسله. 5 ومن هنا قيل: العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك. 6 الرابع: أن يترك التزوج حتى يقضي وطره من العلم، فإنه أكبر شاغل