الله يفهمك 1.
فصل [1] [في أن الغرض من طلب العلم هو العمل] اعلم أن العلم بمنزلة الشجرة، والعمل بمنزلة الثمرة، والغرض من الشجرة المثمرة ليس إلا ثمرتها، أما شجرتها بدون الاستعمال، فلا يتعلق بها غرض أصلا، فإن الانتفاع بها في أي وجه كان ضرب من الثمرة بهذا المعنى.
وإنما كان الغرض الذاتي من العلم مطلقا العمل، لان العلوم كلها ترجع إلى أمرين: علم معاملة، وعلم معرفة. فعلم المعاملة هو معرفة الحلال والحرام ونظائرهما من الاحكام، ومعرفة أخلاق النفس المذمومة والمحمودة، وكيفية علاجها والفرار منها. وعلم المعرفة كالعلم بالله تعالى وصفاته وأسمائه. وما عداهما من العلوم إما آلات لهذه العلوم أو يراد بها عمل من الاعمال في الجملة، كما لا يخفى على من تتبعها. وظاهر أن علوم المعاملة لا تراد إلا للعمل، بل لولا الحاجة إليه لم يكن لها قيمة.
وحينئذ فنقول 2: المحكم للعلوم الشرعية ونحوها، إذا أهمل تفقد جوارحه وحفظها عن المعاصي، وإلزامها الطاعات، وترقيها من الفرائض إلى النوافل، ومن الواجبات إلى السنن اتكالا على اتصافه بالعلم، وأنه في نفسه هو المقصود، مغرور