واختصاص أهلها بها، لكانوا مذمومين في الغاية، بل انقيادهم إلى الحق وتسليم الامر إلى أهله أفضل الأعمال بالنسبة إليهم، وأعود عليهم في الدين.
وهذا كله من غرور الشيطان وخدعه، بل قد ينخدع بعض أهل العلم بغرور الشيطان، ويحدث نفسه بأنه لو ظهر من هو أولى منه لفرح به، وإخباره بذلك عن نفسه قبل التجربة والامتحان غرور، فإن النفس سهلة القياد في الوعد بأمثال ذلك قبل نزول الامر. ثم إذا دهاه الامر تغير، ورجع، ولم يف بالوعد إلا من عصمه الله تعالى وذلك لا يعرفه إلا من عرف مكايدة النفس، وطال اشتغاله بامتحانها 1.
ومن أحس في نفسه بهذه الصفات المهلكة، فالواجب عليه طلب علاجها من أرباب القلوب، فإن لم يجدهم، فمن كتبهم المصنفة في ذلك. وإن كان كلا الامرين قد امتحى أثره، وذهب مخبره، ولم يبق إلا خبره، ويسأل الله المعونة والتوفيق. فإن عجز عن ذلك، فالواجب عليه الانفراد والعزلة، وطلب الخمول والمدافعة مهما سئل، إلا أن يحصل على شريطة التعلم والعلم.
وربما يأتيه الشيطان هنا من وجه آخر، ويقول: هذا الباب لو فتح لاندرست العلوم، وخرب الدين من بين الخلق، لقلة الملتفت إلى الشرائط والمتلبس بالاخلاص، مع أن عمارة الدين من أعظم الطاعات. فليجبه حينئذ بأن دين الاسلام لا يندرس بسبب ذلك ما دام الشيطان يحبب إلى الخلق الرئاسة، وهو لا يفتر عن عمله إلى يوم القيامة، بل ينتهض لنشر العلم أقوام لا نصيب لهم في الآخرة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
إن الله يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم 2.
وقوله صلى الله عليه وآله:
.