تتمة الكتاب اعلم وفقك الله تعالى أني قد أو صحت لك السبيل، وعلمتك كيفية المسير، وبينت لك كمال الآداب، وحثثتك على دخول هذا الباب، فعليك بالجد والتشمير، واغتنام أيام عمرك القصير، في اقتناء الفضائل النفسانية، والحصول على الملكات العلمية، فإنها سبب لسعادتك المؤبدة، وموجبه لكمال النعمة المخلدة، فإنها من كمالات نفسك الانسانية، وهي باقية أبدا لا تعدم كما تحقق في العلوم الحكمية، ودلت عليه الآيات القرآنية والاخبار النبوية، فتقصيرك في تحصيل الكمال في أيام هذه المهلة القليلة موجب لدوام حسرتك الطويلة.
واعتبر في نفسك الآن إن كنت ذا بصرة أنك لا ترضى بالقصور عن أبناء نوعك من بلدك أو محلتك، وتتألم بزيادة علمهم على علمك وارتفاع شأنهم على شأنك، مع أنك وهم في دار خسيسة، وعيشة دنية زائلة علما قليل، ولا يكاد يطلع على نقصك من الخارجين عنك إلا القليل، فكيف ترضى لنفسك إن كنت عاقلا بأن تكون غدا في دار البقاء عند اجتماع جميع العوالم من الأنبياء والمرسلين، والشهداء، والصالحين، والعلماء الراسخين، والملائكة المقربين، ومنازلهم في تلك