والاستعلاء، والجاه والمال، فيجب عليه التنبيه لدواء إحدى العلتين قبل أن تقوى عليه وتهلكه.
وليعلم من ذلك أيضا أن مجرد تعلم هذه المسائل المدونة ليس هو الفقه عند الله تعالى وإنما الفقه عن الله 1 تعالى بإدراك جلاله وعظمته، وهو العلم الذي يورث الخوف والهيبة والخشوع، ويحمل على التقوى، ومعرفة الصفات المخوفة فيجتنبها، والمحمودة فيرتكبها، ويستشعر الخوف ويستثير الحزن، كما نبه الله تعالى عليه في كتابه بقوله:
فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم 2.
والذي يحصل به الانذار غير هذا العلم المدون، فإن مقصود هذا العلم حفظ الأموال بشروط المعاملات، وحفظ الأبدان بالأموال وبدفع القتل والجراحات، والمال في طريق الله آلة، والبدن مركب، وإنما العلم المهم هو معرفة سلوك الطريق إلى الله تعالى، وقطع عقبات القلب التي هي الصفات المدمومة، وهي الحجاب بين العبد وبين الله تعالى، فإذا مات ملوثا بتلك الصفات كان محجوبا عن الله تعالى، ومن ثم كان العلم موجبا للخشية، بل هي منحصرة في العالم كما نبه عليه تعالى بقوله: إنما يخشى الله من عباده العلماء 3. أعم من أن يكونوا فقهاء أو غير فقهاء.
ومثال هذا الفقيه في الاقتصار على علم الفقه المتعارف مثال من اقتصر من سلوك طريق الحج على علم الخرز 4 الرواية والخف، ولا شك أنه لو لم يكن لتعطل .