النوع الأول الأمور المعتبرة في كل مفت اعلم أن شرط المفتي كونه مسلما مكلفا عدلا فقيها، وإنما يحصل له الفقه إذا كان قيما بمعرفة الأحكام الشرعية، مستنبطا لها من أدلتها التفصيلية من الكتاب والسنة والاجماع وأدلة العقل، وغيرها مما هو محقق في محله. ولا تتم معرفة ذلك إلا بمعرفة ما يتوقف عليه إثبات الصانع وصفاته التي يتم بها الايمان، والنبوة والإمامة والمعاد، من علم الكلام، ومعرفة ما يكتسب به الأدلة من النحو والتصريف واللغة، من العربية. وشرائط الحد والبرهان من علم المنطق. ومعرفة أصول الفقه. وما يتعلق بالأحكام الشرعية من آيات القرآن، ومعرفة الحديث المتعلق بها، وعلومه متنا وإسنادا، ولو بوجود أصل صحيح يرجع إليه عند الحاجة إلى شئ منه. ومعرفة مواضع الخلاف والوفاق بمعنى أن يعرف في المسألة التي يفتي بها أن قوله فيها لا يخالف الاجماع، بل يعلم أنه وافق بعض المتقدمين أو يغلب على ظنه أن المسألة لم يتكلم فيها الأولون، بل تولدت في عصره أو ما قاربه. وأن يكون له ملكة نفسانية وقوة قدسية يقتدر بها على اقتناص الفروع من أصولها، ورد كل قضية إلى
(٢٨٩)