ونحو ذلك مما يحمله على الأناة والاقتصاد في الاجتهاد.
وكذلك إذا ظهر له منه نوع سامة أو ضجر أو مبادئ ذلك، أمره بالراحة وتخفيف الاشتغال، وليزجره عن تعلم ما لا يحتمله فهمه أو سنه، من علم أو كتاب يقصر ذهنه عن فهمه، فإن استشاره من لا يعرف حاله في الفهم والحفظ في قراءة فن أو كتاب لم يشر عليه حتى يجرب ذهنه ويعلم حاله، فإن لم يحتمل الحال التأخر أشار عليه بكتاب سهل من الفن المطلوب، فإن رأى فهمه جيدا وذهنه قابلا نقله إلى كتاب يليق بذهنه، وإلا تركه، لان نقل الطالب إلى ما يدل نقله إليه على جودة ذهنه وكماله مما يزيد انبساطه ويوفر نشاطه، وإلى ما يدل على قصوره بخلاف ذلك.
ولا يمكن الطالب من الاشتغال في فنين أو أكثر، إذا لم يضبطهما، بل يقدم الأهم فالأهم، كما سيذكر إن شاء الله تعالى 1. وإذا علم أو غلب على ظنه أنه لا يفلح في فن أشار عليه بتركه والانتقال إلى غيره مما يرجى فلاحه فيه.
الثامن عشر: إذا كان متكفلا ببعض العلوم لا غير، لا ينبغي له أن يقبح في نفس الطالب العلوم التي وراءة، كما يتفق ذلك كثيرا لجهلة المعلمين، فإن المرء عدو ما جهل، كمعلم العربية والمعقول إذ عادته تقبيح الفقه، ومعلم الفقه تقبيح 2 علم الحديث والتفسير، وأشباه ذلك.