الخطابيات، لا أنه غير مقدور البتة، وإلا لما قال له موسى عليه السلام بعد ذلك:
ستجدني إن شاء الله صابرا. 1 وقس على ما أشرنا إليه من الآداب والوظائف ما تحتمله بقية الآيات، فهي متقاربة في إفادة المعنى في هذا المقام، وبه يترقى من أراد التوصل إلى باقي المرام.
إذا تقرر ذلك، فلنعد إلى ذكر الآداب المختصة بالمتعلم مع شيخه، حسب ما قرره العلماء، تفريعا على المنصوص منها، وهي أمور:
الأول: 2 وهو أهمها أن يقدم النظر فيمن يأخذ عنه العلم، ويكتسب حسن الأخلاق والآداب منه، فإن تربية الشيخ لتلميذه، ونسبة اخراجه لأخلاقه الذميمة وجعل مكانها خلقا حسنا، كفعل الفلاح الذي يقلع الشوك من الأرض، ويخرج منها النباتات الخبيثة من بين الزرع، ليحسن نباته ويكمل ريعه، وليس كل شيخ يتصف بهذا الوصف، بل ما أقل ذلك، فإنه في الحقيقة نائب عن الرسول الله صلى الله عليه وآله، وليس كل عالم يصلح للنيابة، فليختر من كملت أهليته، وظهرت ديانته، وتحققت معرفته، وعرفت عفته، واشتهرت صيانته وسيادته، وظهرت مروته، وحسن تعليمه، وجاد تفهيمه، وقد تقدم جملة أوصافه. 3 ولا يغتر الطالب بمن زاد علمه مع نقص في ورعه أو دينه أو خلقه، فإن ضرره في خلق المتعلم ودينه أصعب من الجهل الذي يطلب زواله، وأشد ضررا، وعن جماعة من السلف: هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم. 4 ومما يؤنس به أن يكون له مع مشايخ عصره كثرة بحث وطول اجتماع وزيادة