منية المريد - الشهيد الثاني - الصفحة ٣٤٣
ومتى آل الحال إلى النسخ فليشمر له، فإن الله يعينه ولا يضيع به حظه من العلم، ولا يفوت الحظ إلا بالكسل. ومن ضبط وقته حصل مطلبه، وقد تقدم 1 جملة صالحة في ذلك.
الخامسة: 2 يستحب إعارة الكتب لمن لا ضرر عليه فيها ممن لا ضرر منه بها استحباب مؤكدا، لما فيه من الإعانة على العلم والمعاضدة على الخير والمساعدة على البر والتقوى، مع ما في مطلق العارية من الفضل والأجر. وقد قال بعض السلف:
بركة العلم إعارة الكتب. 3 وقال آخر: من بخل بالعلم ابتلي بإحدى ثلاث: أن ينساه، أو يموت فلا ينتفع به، أو تذهب كتبه، 4 وينبغي للمستعير أن يشكر للمعير ذلك لإحسانه ويجزيه خيرا.
السادس: إذا استعار كتابا وجب عليه حفظه من التلف والتعيب، وأن لا يلط به ولا يطل مقامه عنده، بل يرده إذا قضى حاجته، ولا يحبسه إذا استغنى عنه، لئلا يفوت الانتفاع به على صاحبه، ولئلا يكسل عن تحصيل الفائدة منه، ولئلا يمنع صاحبه من إعارة غيره إياه. 5 وأما إذا طلبه المالك حرم عليه حبسه ويصير ضامنا له، وقد جاء في ذم الابطاء برد الكتب عن السلف أشياء كثيرة نظما ونثرا، 6 وبسبب حبسها والتقصير في حفظها امتنع غير واحد من إعارتها.

1 - لعله يريد ما تقدم في القسم الأول من النوع الثالث من الباب الأول، ص 224 - 231.
2 - لاحظ " تذكرة السامع " / 167 - 168، " شرح المهذب " ج 1 / 67.
3 - " أدب الاملاء والاستملاء " / 175، " تدريب الراوي " ج 2 / 90. وفي " شرح المهذب " ج 1 / 67 نسب إلى وكيع.
4 - قاله سفيان الثوري كما في " تدريب الراوي " ج 2 / 90، " شرح المهذب " ج 1 / 67. قال المحدث الجزائري رحمه الله في " الأنوار النعمانية " ج 3 / 371: " وهذا شئ شاهدناه مرارا كثيرة، وقد كان لنا شيخ يحصل منه بعض البخل بالكتب، فبقيت كتبه بعده، قد باعتها بناته في الأسواق بأبخس قيمة، وان لنا شيخ آخر إذا طلبنا نحن أو غيرنا منه كتابا وكان له حاجة إليه قلع الأوراق التي يحتاج إليها وأعطى الباقي، فنمت كتبه وانتفع العلماء بها وأعطاه الله تعالى أولادا قابلين للعلم وفهمه ".
5 - انظر " تقييد العلم " / 146 - 150 في " من سلك في إعارة الكتاب طريق البخل وضن به عمن ليس له بأهل ".
6 - راجع " تقييد العلم " / 146 - 150، " أدب الاملاء والاستملاء " / 176 - 179.
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»
الفهرست