ومتى آل الحال إلى النسخ فليشمر له، فإن الله يعينه ولا يضيع به حظه من العلم، ولا يفوت الحظ إلا بالكسل. ومن ضبط وقته حصل مطلبه، وقد تقدم 1 جملة صالحة في ذلك.
الخامسة: 2 يستحب إعارة الكتب لمن لا ضرر عليه فيها ممن لا ضرر منه بها استحباب مؤكدا، لما فيه من الإعانة على العلم والمعاضدة على الخير والمساعدة على البر والتقوى، مع ما في مطلق العارية من الفضل والأجر. وقد قال بعض السلف:
بركة العلم إعارة الكتب. 3 وقال آخر: من بخل بالعلم ابتلي بإحدى ثلاث: أن ينساه، أو يموت فلا ينتفع به، أو تذهب كتبه، 4 وينبغي للمستعير أن يشكر للمعير ذلك لإحسانه ويجزيه خيرا.
السادس: إذا استعار كتابا وجب عليه حفظه من التلف والتعيب، وأن لا يلط به ولا يطل مقامه عنده، بل يرده إذا قضى حاجته، ولا يحبسه إذا استغنى عنه، لئلا يفوت الانتفاع به على صاحبه، ولئلا يكسل عن تحصيل الفائدة منه، ولئلا يمنع صاحبه من إعارة غيره إياه. 5 وأما إذا طلبه المالك حرم عليه حبسه ويصير ضامنا له، وقد جاء في ذم الابطاء برد الكتب عن السلف أشياء كثيرة نظما ونثرا، 6 وبسبب حبسها والتقصير في حفظها امتنع غير واحد من إعارتها.