بمرتبة، فإذا كان ورعا تقيا صالحا تلبست العامة بالمباحات، وإذا اشتغل بالمباح تلبست العامة بالشبهات، فإن دخل في الشبهات تعلق العامي بالحرام فإن تناول الحرام كفر العامي 1. وكفى شاهدا على صدق هذه العيان وعدول الوجدان، فضلا عن نقل الأعيان، الخامس: أن يكون عفيف النفس عالي الهمة منقبضا عن الملوك وأهل الدنيا، لا يدخل إليهم طمعا ما وجد إلى الفرار منهم سبيلا، صيانة للعم عما صانه السلف.
فمن فعل ذلك، فقد عرض نفسه وخان أمانته، وكثيرا ما يثمر عدم الوصول إلى البغية، وإن وصل إلى بعضها لم يكن حاله كحال المتعفف المنقبض، وشاهده مع النقل الوجدان.
قال بعض الفضلاء لبعض الابدال: ما بال كبراء زماننا وملوكها لا يقبلون منا، ولا يجدون للعلم مقدارا، وقد كانوا في سالف الزمان بخلاف ذلك؟ فقال: إن علماء ذلك الزمان كان يأتيهم الملوك والأكابر وأهل الدنيا، فيبذلون لهم دنياهم ويلتمسون منهم علمهم، فيبالغون في دفعهم ورد منتهم عنهم، فصغرت الدنيا في أعين أهلها وعظم قدر العلم عندهم، نظرا منهم إلى أن العلم لولا جلالته ونفاسته ما آثره هؤلاء الفضلاء على الدنيا، ولولا حقارة الدنيا وانحطاطها لما تركوها رغبة عنها. ولما أقبل علماء زماننا على الملوك وأبناء الدنيا وبذلوا لهم علمهم التماسا لدنياهم، عظمت الدنيا في أعينهم، وصغر العلم لديهم لعين ما تقدم 2.
وقد سمعت جملة من الاخبار في ذلك سابقا، كقول النبي صلى الله عليه وآله:
.