زماننا هذا، فإنه وإن وجب على الأعيان والكفاية على تفصيل، فقد وجب في زماننا هذا على الأعيان مطلقا، لان فرض الكفاية إذا لم يقم به من فيه كفاية، يصير كالواجب العيني في مخاطبة الكل به، وتأثيمهم بتركه، كما هو محقق في الأصول.
الخامس: 1 أن يترك العشرة مع من يشغله عن مطلوبه، فإن تركها من أهم ما ينبغي لطالب العلم، ولا سيما لغير الجنس، وخصوصا لمن قلت فكرته، وكثر تعبه وبطالته، فإن الطبع سراق، وأعظم آفات العشرة ضياع العمر بغير فائدة، وذهاب العرض والدين إذا كانت لغير أهل.
والذي ينبغي لطالب العلم، أن لا يخالط إلا لمن يفيده أو يستفيد منه، فإن احتاج إلى صاحب، فليختر الصاحب الصالح الدين التقي الذكي، الذي إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإن احتاج واساه، وإن ضجر صبره، فيستفيد من خلقه ملكة صالحة فإن لم يتفق مثل هذا، فالوحدة ولا قرين السوء، السادس: 2 أن يكون حريصا عن التعلم، مواظبا عليه في جميع أوقاته: ليلا ونهارا، سفرا وحضرا، ولا يذهب شيئا من أوقاته في غير طالب العلم إلا بقدر الضرورة لما لابد منه من أكل ونوم واستراحة يسيرة، لإزالة الملل ومؤانسة زائر وتحصيل قوت، وغيره مما يحتاج إليه، أو لألم وغيره، مما يتعذر معه الاشتغال، فإن بقية العمر لا ثمن لها و من استوى يوماه فهو مغبون. 3