الفصل الثاني في آفات المناظرة وما يتولد منها من مهلكات الأخلاق اعلم أن المناظرة الموضوعة لقصد الغلبة والافحام والمباهاة والتشوق، لاظهار الفضل، هي منبع جميع الأخلاق المذمومة عند الله تعالى، المحمودة عند عدوه إبليس، ونسبتها إلى الفواحش الباطنة من الكبر والعجب والرئاء والحسد والمنافسة وتزكية النفس وحب الجاه وغيره، نسبة الخمر إلى الفواحش الظاهرة من الزنا والقتل والقذف. وكما أن من خير بين الشرب، وبين سائر الفواحش، فاختار الشرب استصغارا له، فدعاه ذلك إلى ارتكاب سائر الفواحش، فكذلك من غلب عليه حب الافحام والغلبة في المناظرة وطلب الجاه والمباهاة، دعاه ذلك إلى إظهار الخبائث كلها. 1 فأولها: 2 الاستكبار عن الحق وكراهته، والحرص على مدافعته بالمماراة فيه، حتى أن أبغض الأشياء إلى المناظر أن يظهر الحق على لسان خصمه، ومهما ظهر
(٣١٥)