الرابعة: أن يناظر في واقعة مهمة أو في مسألة قريبة من الوقوع، وأن يهتم بمثل ذلك. والمهم أن يبين الحق، ولا يطول الكلام زيادة على ما يحتاج إليه في تحقيق الحق.
ولا يغتر بأن المناظرة في تلك المسائل النادرة توجب رياضة الفكر وملكة الاستدلال والتحقيق، كما يتفق ذلك كثيرا لقاصدي حظ النفوس من إظهار المعرفة، فيتناظرون في التعريفات، وما تشتمل عليه من النقوض والتزييفات، وفي المغالطات ونحو، ولو اختبر حالهم حق الاختبار لوجد مقصدهم على غير ذلك الاعتبار.
الخامسة: 1 أن تكون المناظرة في الخلوة أحب إليه منها في المحفل والصدور، فإن الخلوة أجمع للهم وأحرى لصفاء الفكر ودرك الحق، وفي حضور الخلق ما يحرك دواعي الرئاء والحرص على الافحام ولو بالباطل. وقد يتفق لأصحاب المقاصد الفاسدة الكسل عن الجواب عن المسألة في الخلوة، وتنافسهم في المسألة في المحافل، واحتيالهم على الاستيثار بها في المجامع.
السادسة: أن يكون في طلب الحق كمنشد ضالة، يكون شاكرا متى وجدها، ولا يفرق بين أن يظهر على يده، أو يد غيره، فيرى رفيقه معينا لا خصما، ويشكره إذا عرفه الخطأ وأظهر له الحق، كما أو أخذ طريقا في طلب ضالة، فنبهه غيه على ضالته في طريق آخر، والحق ضالة المؤمن يطلبه كذلك، فحقه إذا ظهر الحق على لسان خصمه أن يفرح به ويشكره، لا أنه يخجل ويسود وجهه ويربد 2 لونه، ويجتهد في مجاهدته ومدافعته جهده.