وقد أدب الله تعالى العلماء بقصة موسى والخضر عليهما السلام حين لم يرد موسى عليه السلام العلم إلى الله تعالى لما سئل هل أحد أعلم منك؟ 1 بما حكاه الله عنهما من الآيات المؤذنة 2 بغاية الذل من موسى عليه السلام وغاية العظمة من الخضر عليه السلام. وسيأتي 3 إن شاء الله تعالى في هذه الرسالة جملة من نكت القصة.
الرابع والعشرون: أنه إذا اتفق له تقرير أو جواب توهمه صوابا، يبادر إلى التنبيه على فساده وتبيين خطائه قبل تفرق الحاضرين، ولا يمنعه الحياء أو غيره من المبادرة، وتحمله النفس الامارة بالسوء على التأخير إلى وقت آخر خال، فإنه من خدع النفس وتلبيس إبليس لعنه الله.
وفيه ضرر عظيم من وجوه كثيرة: منها: استقرار الخطأ في قلوب الطلبة، ومنها:
تأخير بيان الحق مع الحاجة إليه، ومنها: خوف عدم حضور بعض أهل المجلس في الوقت الآخر فيستمر الخطأ في فهمه، ومنها: طاعة الشيطان في الاستمرار على الخطأ، وهو موجب لطعمه فيه مرة ثانية وهلم جرا. ومع تأديته للواجب من ذلك يفيد الطالبين ملكة صالحة تعقب خيرا عظيما يكون الراجع سببا فيه، فيشارك في أجره، مضافا إلى ما استحقه من الاجر بفعل ما يجب عليه، فقد غنمت حركته وربحت تجارته برجوعه إلى الحق، ويرفعه الله تعالى بسبب ذلك، خلاف ما يظنه، الجاهل ويتوهمه الأحمق الغافل.
.