وينبت، لان مغارس النقائص ومنابت الرذائل هي الأخلاق الذميمة في القلب، فمن لا يطهر القلب منها لم تتم له الطاعات الظاهرة إلى مع الآفات الكثيرة. بل كمريض ظهر به الجرب، وقد أمر بالطلاء وشرب الدواء: أما الطلاء ليزيل ما على ظاهره، والدواء ليقلع مادته من باطنه، فقنع بالطلاء وترك الدواء، وبقي يتناول ما يزيد في المادة، فلا يزال يطلي الظاهر، والجرب دائما يتزايد في الباطن إلى أن أهلكه.
نسأل الله تعالى أن يصلحنا لأنفسنا، ويبصرنا بعيوبنا، وينفعنا بما علمنا ولا يجعله حجة علينا، فإن ذلك بيده، وهو أرحم الراحمين.
فصل [3] ولكن واحد منهما شرائط متعددة، ووظائف متبددة بعد هذين 1 إلا أنها بأسرها ترجع إلى الثاني - أعني استعمال العلم - فإن العلم متناول لمكارم الأخلاق وحميد الأفعال، والتنزه عن مساوئها، فإذا استعمله على وجهه أوصله إلى كل خير يمكن طلبه، وأبعده عن كل دنية تشينه.
[في التوكل على الله تعالى والاعتماد عليه] فمما يلزم كل واحد منهما - بعد تطهير نفسه من الرذائل المذكورة وغيرها - توجيه نفسه إلى الله تعالى والاعتماد عليه في أموره وتلقي الفيض الإلهي من عنده فإن العلم - كما تقدم من كلام الصادق عليه السلام 2 - ليس بكثرة التعلم، وإنما هو نور من الله تعالى، ينزله على من يريد أن يهديه.
.