باطل، ويقدح في قائله بكل ما يتصور، فيثور التشاجر بين المتماريين، كما يثور التهارش بين الكلبين، يقصد كل منهما، أن يعض صاحبه بما هو أعظم نكاية وأقوى في إفحاه وانكائه.
وعلاج ذلك أن يكسر الكبر الباعث له على إظهار فضله والسبعية الباعثة له على تنقيص غيره، بالأدوية النافعة في علاج الكبر والغضب من كتابنا المتقدم ذكره في أسرار معالم الدين 1 أو غيره من الكتب المؤلفة في ذلك.
ولا ينبغي أن يخدعك الشيطان، ويقول لك: أظهر الحق ولا تداهن فيه. فإنه أبدا يستجر الحمقى إلى الشر في معرض الخير، فلا تكن ضحكه الشيطان يسخر بك. فإظهار الحق حسن مع من يقبل منه، إذا وقع على وجه الاخلاص، وذلك من طريق النصيحة بالتي هي أحسن لا بطريق المماراة.
وللنصيحة صفة وهيأة، ويحتاج فيها إلى التلطف، وإلا صارت فضيحة، فكان فسادها أعظم من صلاحها.
ومن خالط متفقهة هذا الزمان، والمتسمين بالعلم غلب على طبعه المراء والجدال، وعسر عليه الصمت إذا ألقى عليه قرناء السوء أن ذلك هو الفضل. ففر منهم فرارك من الأسد.
الثالث: أن لا يستنكف من التعلم والاستفادة ممن هو دونه في منصب أو سن أو شهرة أو دين أو في علم آخر، بل يستفيد ممن يمكن الاستفادة منه، ولا يمنعه ارتفاع منصبه وشهرته من استفادة ما لا يعرفه، فتخسر صفقته ويقل علمه ويستحق المقت من الله تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله:
الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها 2.
.