وهكذا ينبغي أن يوسع على الطالب طريق التعلم في غيره، وإذا رأى مرتبة العلم الذي بيده متأخرة عما بيد غيره يرشده إلى من بيده السابق، فإن ذلك هو الواجب من نصح المسلمين وحفظ العلم والدين، وأتم الدليل على كمال المعلم، وموجب الملكة الصالحة للمتعلم.
التاسع عشر 1: وهو من المهم أن لا يتأذى ممن يقرأ عليه إذا قرأ على غيره أيضا لمصلحة راجعة إلى المتعلم، فإن هذه مصيبه يبتلى بها جهلة المعلمين ومن لا يريد بعلمه وجه الله تعالى، لغباوتهم وفساد نياتهم.
وهو من أوضح الأدلة على عدم إرادتهم بالتعليم وجه الله الكريم وثوابه الجسيم، فإنه عبد مأمور بأداء رسالة سيده إلى بعض عبيده، فإذا أرسل السيد عبدا آخر لأداء الرسالة لا ينبغي للأول الغضب، فإن ذلك لا ينقصه عند السيد، بل يزيده قدرا ورفعه عنده إذا وجده ممتثلا لا يريده منه أو من غيره.
فالواجب على المعلم إذا وجد من الطالب نشاطا وقوة على تعدد الدرس، ولم يقدر على تحصيل غرضه بنفسه أن يرشده ابتداء إلى من يقرأ عليه درسا آخر، فإن ذلك من تمام النصيحة ورعاية حفظ الأمانة. وهذا أمر اتفق لي مع بعض مشايخي بمصر 2 أحسن الله جزاءه.
هذا كله إذا كان المعلم الآخر الذي انتقل إليه الطالب بنفسه أهلا، أما لو كان جاهلا مع عدم علم الطالب، أو فاسقا أو مبتدعا أو كثير الغلط، ونحو ذلك بحيث يفيد الطالب ملكة ردية لا يرجح عليها ما يحصله من العلم عليه، فالتحذير من الاغترار به حسن مع مراعاة المقصد الصحيح المنجح، والله يعلم المفسد من المصلح 3.
العشرون: إذا تكمل الطالب وتأهل للاستقلال بالتعليم واستغنى عن التعلم،