بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم، وصلى الله على حبيبه وعبده ونبيه محمد، أفضل من علم وعلم، وعلى آله وأصحابه المتأدبين بآدابه وسلم.
أما بعد، فإن كمال الانسان هو بالعلم، الذي يضاهي به ملائكة السماء، ويستحق به رفيع الدرجات في العقبى مع جميل الثناء في الدنيا، ويتفضل مداده على دماء الشهداء، وتضع الملائكة أجنحتها تحت رجليه إذا مشى، ويستغفر له الطير في الهواء والحيتان في الماء، ويفضل نومة ليلة من لياليه على عبادة العابد سبعين سنة. وناهيك بذلك جلالة وعظما.
لكن ليس جميع العلم يوجب الزلفى، ولا تحصيله كيف اتفق يثمر الرضا، بل لتحصيله شرائط، ولترتيبه ضوابط، وللمتلبس به آداب ووظائف، ولطلبه أوضاع ومعارف، لابد لمن أراد شيئا منه من الوقوف عليها، والرجوع في مطلوبه إليها، لئلا يضيع سعيه ولا يخمد جده، وكم رأينا بغاة هذا العلم الشريف دأبوا في تحصيله، وأجهدوا نفوسهم في طلبة ونيله، ثم بعضهم لم يجد لذلك الطلب ثمرة ولا حصل منه على غاية معتبرة. وبعضهم حصل شيئا منه في مدة مديدة طويلة، كان يمكنه تحصيل أضعافه في برهة يسيرة قليلة، وبعضهم لم يزده العلم إلا بعدا عن الله تعالى وقسوة مظلما، مع قول الله سبحانه وهو أصدق القائلين: " إنما يخشى الله