وهذا هو الأمر الثالث من الآداب.
والرابع: حسن الخلق زيادة على غيرهما 1 من الناس والتواضع وتمام الرفق وبذل الوسع في تكميل النفس. روى معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار، وتواضعوا لمن تعلمونه العلم، وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم، ولا تكونوا علماء جبارين، فيذهب باطلكم بحقكم 2.
وروى الحلبي في الصحيح 3 عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قال أمير المؤمنين عليه السلام: ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه؟ من لم يقنط الناس من رحمه الله، ولم يؤمنهم من عذاب الله، ولم يرخص لهم في معاصي الله، ولم يترك القرآن رغبة عنه في غيره، ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكر. 4 واعلم أن المتلبس بالعلم منظور إليه، ومتأسي بفعله وقوله وهيأته، فإذا حسن سمته، وصلحت أحواله وتواضعت نفسه، وأخلص لله تعالى عمله، وانتقلت أوصافه إلى غيره من الرعية، وفشا الخير فيهم، وانتظمت أحوالهم، ومتى لم يكن كذلك كان الناس دونه في المرتبة التي هو عليها فضلا عن مساواته، فكان مع فساد نفسه منشأ لفساد النوع وخلله. وناهيك بذلك ذنبا وطردا عن الحق وبعدا. ويا ليته إذا هلك انقطع عمله، وبطل وزره، بل هو باق ما بقي من تأسى به واستن بسنته.
وقد قال بعض العارفين: إن عامة الناس أبدا دون المتلبس بالعلم