فإن لم يجد ببلده من يستفتيه وجب عليه الرحيل إلى من يفتيه، وإن بعدت داره.
وقد رحل 1 خلائق من السلف في المسألة الواحدة الليالي والأيام، وفي بعضها من العراق إلى الحجاز، وقد تقدم رحلة رجل من الحجاز إلى الشام في حديث أبي الدرداء. 2 الثانية: يلزم المقلد أن لا يستفتي إلا من عرف، أو غلب على ظنه علمه بما يصير به أهلا للافتاء وعدالته فإن جهل علمه لزمه البحث عما يحصل به أحد الامرين. إما بالممارسة المطلعة له على حاله، أو بشهادة عدلين به، أو بشياع حاله بكونه متصفا بذلك، أو بإذعان جماعة من العلماء العالمين بالطريق وإن لم يكونوا عدولا، بحيث يثمر قولهم الظن، وإن جهلت عدالته، رجع فيها إلى العشرة المفيدة لها أو الشياع أو شهادة عدلين.
الثالثة: إذا اجتمع اثنان فأكثر ممن يجوز استفتاؤهم، فإن اتفقوا في الفتوى أخذ بها، وإن اختلفوا وجب عليه الرجوع إلى الأعلم الأتقى، فإن اختلفوا في الوصفين رجع إلى أعلم الورعين وأورع العالمين، فإن تعارض الأعلم والأورع، قلد الأعلم، فإن جهل الحال أو تساووا في الوصف تخير، وإن بعد الفرض.
وربما قيل بالتخيير مطلقا، لاشتراك الجميع في الأهلية، وهو قول أكثر العامة، 3 ولا نعلم به قائلا منا، بل المنصوص 4 عندنا هو الأول.
.