ويبين له جملا مما ينضبط ويحتاج إليه من أصول الفقه، كترتيب الأدلة من الكتاب والسنة والاجماع والقياس على وجه والاستصحاب وأنواع الأقيسة ودرجاتها، وحدود ما ناسب تحديده، وجملة من أسماء المشهورين من الصحابة والتابعين والعلماء وتراجمهم ووفياتهم وضبط المشكل من أسمائهم وأنسابهم.
والمشتبه من ذلك، والمختلف والمؤتلف 1 منه، ونحو ذلك، وجملة من الألفاظ اللغوية والعرفية المتكررة في العلم، ضبطا لمشكلها، فيقول: هي مفتوحة أو مضمونة أو مكسورة مخففه أو مشددة، ونحو ذلك، كل ذلك تدريجا شيئا فشيئا فيجتمع لهم مع طول الزمان خير عظيم.
الثاني عشر: 2 أن يحرصهم على الاشتغال في كل وقت، ويطالبهم في أوقات بإعادة محفوظاتهم، ويسألهم عما ذكره لهم من المهمات والمباحث، فمن وجده حافظا مراعيا أكرمه وأثنى عليه، وأشاع ذلك ما لم يخف فساد حاله بإعجاب ونحوه، ومن وجده مقصرا عنفه في الخلوة، وإن رأى مصلحة في الملا فعل، فإنه طبيب يضع الدواء حيث يحتاج إليه وينفع.
الثالث عشر: أن يطرح على أصحابه ما يراه من مستفاد المسائل الدقيقة والنكت الغريبة، يختبر بذلك أفهامهم ويظهر فضل الفاضل، ليتدربوا بذلك ويعتادوه، ولا يعنف من غلط منهم في ذلك إلا أن يرى في ذلك مصلحة.
وقد روي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله قال:
إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم حدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي ووقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: هي النخلة، فقال له أبوه: لو قلتها لكان أحب إلي من كذا وكذا 3.