وينبغي الاسراع بها بعد القيام من المجلس قبل تفرق أذهانهم، وتشتت خواطرهم، وشذوذ بعض ما سمعوه عن أفهامهم، ثم يتذاكروه في بعض الأوقات فلا شئ يتخرج 1 به الطالب في العلم مثل المذاكرة.
فإن لم يجد الطالب من يذاكره ذاكر نفسه بنفسه، وكرر معنى ما سمعه ولفظه على قلبه، ليعلق ذلك بخاطره، فإن تكرار المعنى على القلب كتكرار اللفظ على اللسان، وقل أن يفلح من اقتصر على الفكر والتعقل بحضرة الشيخ خاصة، ثم يتركه ويقوم ولا يعاوده.
الثامن والعشرون: أن تكون المذاكرة المذكورة في غير مجلس الشيخ، أو فيه بعد انصرافه بحيث لا يسمع لهم صوتا، فإن اشتغالهم بذلك وإسماعهم له قلة أدب وجرأة، سيما إذا كان لهم معيد، فإن تصدره للإعادة في مجلس الشيخ من أقبح الصفات وأبعدها عن الآداب، اللهم إلا أن يأمره الشيخ بذلك لمصلحة يراها.
التاسع والعشرون: على الطلبة مراعاة الأدب المتقدم أو قريبا منه مع كبيرهم ومعيدهم، فلا ينازعوه فيما يقوله لهم إذا وقع منهم فيه شك، بل يترفقوا في تحقيق الحال ويتوصلوا إلى بيان الحق بحسب الامكان، فإذا بقي الحق مشتبها راجعوا الشيخ فيه بلطف من غير بيان من خالف ومن وافق، مقتصرين على إرادة بيان الصواب كيف كان.
الثلاثون: 2 يجب على من علم منهم بنوع من العلم وضرب من الكمال أن يرشد رفقته ويرغبهم في الاجتماع والتذاكر والتحصيل، ويهون عليهم مؤونته، ويذكر لهم ما استفاده من الفوائد والقواعد والغرائب على جهة النصيحة والمذاكرة، فبارشادهم يبارك الله له في علمه ويستنير قلبه، وتتأكد المسائل عنده مع ما فيه من جزيل ثواب الله تعالى وجميل نظره وعطفه.