من غيره؟ فقال له الشيخ: إن حقي عليك أعظم من حق أبيك، لأني أبوك الروحاني، وهو أبوك الجسماني. فقال السيد رحمه الله: قد قبلت الدار. 1 ومن هنا قال بعض الفضلاء:
من علم العلم كان خير أب * ذاك أبو الروح لا أبو النطف 2 الثالث: أن يعتقد أنه مريض النفس، لان المرض هو الانحراف عن المجرى الطبيعي. وطبع النفس العلم، وإنما خرجت عن طبعها بسبب غلبة أخلاط القوى البدنية. ويعتقد أن شيخه طبيب مرضه، لأنه يرده إلى المجرى الطبيعي. فلا ينبغي أن يخالفه فيما يشير عليه، كأن يقول له: اقرأ الكتاب الفلاني، أو اكتف بهذا القدر من الدرس، لأنه إن خالفه كان بمنزلة المريض يرد على طبيبه في وجه علاجه.
وقد قيل في الحكم: مراجعة المريض طبيبه توجب تعذيبه. 3 وكما أن الواجب على المريض ترك تناول المؤذيات، والأغذية المفسدة للدواء في حضرة الطبيب وغيبته، كذلك المتعلم، فيجب أن يطهر نفسه من النجاسة المعنوية، التي غاية المعلم النهي عنها: من الحقد والحسد والغضب والشره والكبر والعجب، وغيرها من الرذائل، ويقطع مادة المرض رأسا لينتفع بالطبيب.
الرابع: 4 أن ينظره بعين الاحترام والاجلال والاكرام. ويضرب صفحا عن عيوبه، فإن ذلك أقرب إلى انتفاعه به، ورسوخ ما يسمعه منه في ذهنه.
ولقد كان بعض السلف إذا ذهب إلى شيخه تصدق بشئ، وقال: اللهم استر عيب معلمي عني، ولا تذهب ببركة علمه مني. 5