والملكة ويسمى جهلا بسيطا والثاني وجودي ويقابل العلم تقابل التضاد ويسمى جهلا مركبا، واطلاق لفظ الجهل بحسب الاشتراك اللفظي، واعلم أن الداء قد يكون بدنيا وقد يكون نفسانيا وعلى الحالين فقد يكون ذا عياء وقد لا يكون، ثم النفس وان كانت ذات ادواء كثيرة غير أن أشدها عياء وأقواها سببية للبعد عن الرحمة الإلهية هو داء الجهل المركب خصوصا ما كان منه مضادا للعلم بالصانع تعالى وصفاته فإنه لا يرجى له صلاح ولا يتوقع لصاحبه (1) فلاح، وهو المنبع (2) لأكثر الأمراض النفسانية وذلك انك لما (3) عرفت ان الكمال الدائم والسعادة التامة للنفس إنما هو بحصول العلم بمباديها وتصور الحضرة الإلهية كما هي بحسب الامكان فاعرف ان النقصان اللازم والشقاوة الثابتة إنما هي بحصول الاعتقادات المضادة لذلك اليقين وتمكنها من جوهر النفس لعدم امكان اجتماعهما، واما الجهل البسيط فيمكن علاجه إذا كان غير مناف للعلم الذي هو سبب السعادة وكذلك سائر الأمراض النفسانية بعد أن تكون للنفس المسكة (4) التامة بمباديها العالية فان أكثرها تكون اما حالات غير متمكنة من جوهر النفس أو هيئات مستفادة من الأمزجة فتزول بزوالها، واما سائر الأمراض البدنية فإنه وإن كان فيها مالا يمكن علاجه لكن تفاوت ما بين الموتين (5) بتفاوت ما بين المريضين (6) وتفاوت ما بين المريضين (7) بتفاوت ما بين الغايتين من صحتهما وعافيتهما، وعرفت ان غاية عافية النفس هو تحصيل الكمال الباقي وغاية صحة البدن في الغالب كمال فان فان بصحته للنفس كمالا ما يكون باقيا (و) كان ذلك مشروطا بصحتها عن داء الجهل حتى لو كان متمكنا من جوهرها لكان كل سعى بدني عليها وبالا ونقصانا وخيبة وخسرانا ولو كان أشكل مرض بدني حاصلا (8) مع صحة النفس عن ذلك المرض لما ضرها ذلك في معادها إذ لا تخلو مع ذلك من استفادة كمال ما، والوصول إلى سعادة تليق بها لو فقدت (9) بسبب ذلك المرض علما وكمالا ما
(٧١)