فخوطبت تقريعا بألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر (1) ومنع (2) مناديها (3) من التكرير عليها إذ (4) كان قد اعذر إليها، فذرهم في غمرتهم حتى حين * أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون (5) وما بينهما درجات بعضها فوق بعض، فإذا فارقت النفوس مضاجعها أبصر كل منها بعين بصيرته ما كان قد أعد له وهيئ، فأبصر الأولون بها العزة وجمالها، ولاحظوا جلال الحضرة القدسية وكمالها، وجوه يومئذ ناضره * إلى ربها ناظرة (6) ووجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة (7) وشاهد الآخرون سلاسل الهيئات البدنية واغلال الملكات الردية، وجوه يومئذ باسرة، تظن ان يفعل بها فاقرة (8) ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة (9) وما بين الدرجتين بحسابه.
فانظر إلى هذه الألفاظ الخفيفة كيف انطوت على هذه الاسرار اللطيفة..! وأحسن بهذه العبارات الوجيزة كيف استلزمت هذه التشبيهات العزيزة..! وكيف لا وقد قال فيه النبي صلى الله عليه وآله: أعطيت جوامع الكلم، وأعطى على جوامع العلم، ولما نزلت وتعيها اذن واعية (10) قال (ص): اللهم اجعلها اذن على، فقال (ع): والله ما نسيت بعدها ابدا. وقال عليه السلام: علمني رسول الله (ص) من العلم الف باب فانفتح لي من كل باب الف باب. وكان مصداق ذلك قوله صلى الله عليه وآله انا مدينة العلم وعلى بابها، فليت شعري كم في الخزائن التي وراء تلك الأبواب من الكنوز والذخائر؟! وكم في بحور أولئك عوامها من زواهر الجواهر؟! شعر أشتاقكم حتى إذا نهض الهوى * بي نحوكم قعدت بي الأيام (1 1)