للأسباب التي ذكرناها كذلك قد يقال مجازا على اشتغال النفس بالعلائق الجسمانية ومتابعة القوى البدنية وغفلتها عن مبدئها المفارق وعدم التفاتها إليه وكذلك الانتباه كما يقال حقيقة على استعمال الحواس الظاهرة للأسباب المذكورة كذلك يقال مجازا على اقبال النفس على القبلة الحقيقة وانتقاشها بجلايا القدسية بيان وجه التجوز عن النوم ان عدم انصباب النفس إلى الجناب القدسي حين اشتغالها بالعلائق الجسدانية وتعطلها بسببه عن الانتقاش بصور المعقولات مشابه لعدم انصباب الروح النفساني إلى الحواس الظاهرة وتعطلها بسبب ذلك عن الانتقاش بصور المحسوسات، بيان وجه التجوز عن الانتباه هو ان الانتباه المحسوس لما كان عبارة عن انتقاش لوح الحس المشترك عن المحسوسات بسبب استعمال (1) الحواس الظاهرة عن انصباب الروح النفساني إليها كذلك الانتباه المعقول هو انتقاش لوح النفس بصور المعقولات عن مباديها بسبب التفاتها واقبالها عليها، وإذا عرفت ذلك فاعلم أنه عليه السلام أشار بالموت إلى مفارقة الحياة، وبالنوم والانتباه ههنا إلى المعنيين المجازيين، وأنت بعد وقوفك على وجه التجوز تستفتح (2) بعين بصيرتك سر هذه الكلمة، ثم إن الناس نيام في مرقد الطبيعة لن ينتبهوا الا عند مفارقته، ثم يلوح لك ان القضية مهملة في قوة الجزئية وان الحكم خاص بمن عدا درجة السابقين فإنهم ابدا ايقاظ في صورة نيام قد هجروا مضاجع الطبائع فهم في لجة الوصول سابحون، ثم للباقين في النوم درجات متفاوتة فأقربها إلى اليقظة نفس كان اشتغالها عن الالتفات إلى الجناب المقدس بمجرد مصالح البدن ومتابعتها للقوى البدنية فيما لابد منه في إقامة تدبيره وفى حاجته إلى ما يقود الضرورة إليه مما رخصت فيه الشريعة، هذا بعد أن تكون متحلية بالمعرفة عن البرهان مراعية لشرائط الايمان، وأشدها فيه اغتمارا وابعدها عن ساحة الرضوان دارا نفس ألقت زمامها إلى قواها البدنية وانهمكت في طاعتها، فأعرضت بالكلية عن مباديها، ولم تستيقظها من رقدة الغافلين شدة استماع مناديها،
(٥٥)