والتكسر (1) لا مطلقا فان مطلق استرخاء ما ذكرنا لا يلزمه صلابة الأعالي بل على وجه خاص وهو أن يكون ذلك عن مباشرة الرجال والاتيان في ذلك المحل للشهوة العارضة الداعية الاتيان فيه ويسمى صاحب هذا الفعل مخنثا لكون الاسترخاء من لوازم ذلك الفعل إذ كان صاحب هذه الشهوة كثيرا ما يميل إلى طباع النساء وخاصه في البلدان الحارة الرطبة فاطلاق الخنث على هذه الشهوة اطلاق اسم اللازم على ملزومه. واما الأعالي فالوجه واللسان والعين، وليس المراد صلابتها عدم قبول الانغماز فان قبولها للانغماز ظاهر بل المراد القحة والخشونة المتعارفة التي تصدر عن عدم الحياء كما ستعرفه في الكلمة التي بعد هذه الكلمة. واما السبب في تحريك هذه الشهوة فهو قوة تخيل (2) اللذة في هذا الفعل الباعثة لتحريك الشهوة بقوة وكثرة الأسباب المادية (3) للشهوة وقوتها في بعض الأمزجة. ثم قد يكون الاستعداد لهذا الانفعال والتخيل لازما لوجود الشخص من أصل مادته فتراه من حيث الصبا (4) وقبل تمام الشهوة منخنث (5) الكلام يتعانى (6) لين كلمات النساء وكثيرا ما يرجى (7) لمثل هذا فلاح، وقد يكون ذلك الاستعداد عارضا اما عن عادة لذلك الفعل حدث ابتداؤها عن اجبار أو عن اختيار فتكون الحركة عن ذلك الاستعداد إلى ذلك الفعل والمبادرة إليه سريعة.
واما بيان لزوم التالي للمقدم فهو ان ذلك الفعل لما كان أقبح ما يرتكبه الانسان في العرف وبين أهل العالم وكان التظاهر به مستلزما لاطفاء نور ملكة الحياء من وجه الفاعل المستلزم لغلظ الوجه وقحة الحدقة لا جرم كانت صلابة الأعالي لازمة للين الأسافل كما سنزيده تقريرا في الكلمة التي تأتى بعدها. وقد عرفت ان هذه الكلمة مستلزمة للتنبيه على قبح ارتكاب هذا الفعل لقبح ما يلزمه من الرذائل التي يجب اجتنابها وتطهير النفس عنها، والله يطهر سرائرنا عن ملكات السوء انه ولى كل نعمة، وبه التوفيق والعصمة.