بوعده من قضاء حق الاخوان من الحوائج والمهام فيبقى في رق الوعد إلى أن يخلق (1) بقضائه الوثاق فيستحر حينئذ بلحوق العتاق، واما حريته في الوجهين الأولين فلعدم تحقق الصفة المذكورة في حقه واعلم أن قضاء الامر المسؤول مع امكانه أشرف من الوعد، اما بالنسبة إلى السائل فلان الانتظار موت احمر، واما بالنسبة إلى المسؤول منه فلانه بذل في حقه على شرف قوته العقلية بملكة الحياء والسخاء وغيرهما من الفضائل بخلاف الوعد فان الوعد بما يمكن انجازه يدل على مجاذبة القوة الشهوية للعقل وقوتها عليه في ترديد الامر المسؤول بالقضاء والمنع، ثم الوعد أشرف وأولى من المنع بالكلية فان الحرمان شؤم وسبب للمقاطعة والمباينة المضادة (2) لما هو مطلوب من العناية الإلهية باجتماع الخلق وتكثرهم (3) مع ما يستلزم من ذهاب الحياء بتعويده وقحة الوجه وخشونة الجانب، والوفاء أشرف من الخلف لاستلزامه عدم فضيلة الحرية والوفاء والذم العاجل العارض من رذيلة البخل وما يصحبها من الرذائل، وقد أطبق العقلاء على حسن قضاء الموعود والوفاء به وفى المثل: انجز حر ما وعد. وعن عوف بن النعمان الشيباني أنه قال في الجاهلية: لان أموت عطشا أحب إلى من أن أكون مخلاف الوعد. وفى المثل السائر: الوفاء من الله بمكان، وفى التنزيل الإلهي في مدح إسماعيل عليه السلام (4): انه كان صادق الوعد، وعن عبد الله بن عمر انه وعد رجلا من قريش ان يزوجه ابنته فلما حضرته الوفاة ارسل إليه فزوجه إياها فقال، كرهت ان القى الله تعالى بثلث النفاق، وأراد الكذب لان الخلف في الحقيقة كذب، وذلك لان النفاق في الدين مركب من ثلاثة اجزاء، أحدها الخروج من الايمان بالقلب، والثاني الرياء بالاعمال من اعتقاد صحتها، والثالث الكذب وهو القول باللسان مع مطابقته للاعتقاد وإذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا انا معكم إنما نحن مستهزؤن (5) و: وإذ جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك
(١٥٣)