احصاء العيوب النفسانية بالاطلاع عليها وكسر توهم النفس لكمالها عسر بالكلية ثم إذا عرفها بكثرة العيوب (فينبغي) ان يعرف (1) ان الفضل مقسوم بين البشر وليس يكمل منهم أحد الا بفضائل تجتمع له وكل من كانت فضيلته عند غيره فينبغي ان لا يعجب بنفسه ولا يفتخر على غيره وكل هذه المراتب وان كانت ممكنة في نفس الامر الا انها في حق كثير من الخلق غير ممكنة وفى حق الأكثر منهم عسرة التحقيق صعبة التناول، وإذا كان كذلك الوحشة العارضة عن أسبابها دائمة قوية عسرة العلاج لعسر علاج أسبابها فكانت أقوى وحشة وأشدها فان قوة المعلول مستفادة من قوة علته وحينئذ يتبين (2) لك سر قوله " أوحش الوحشة العجب ".
وينبغي لك أيها الأخ ان تتنبه مما يسنح لك من سر هذه الكلمة على وجوب ترك العجب والاجتهاد في حسمه إذ (3) كان سببا عظيما من أسباب الهلاك فرتب في ذهنك دليلا هكذا: العجب سبب (4) من الأسباب المانعة من استعدادا النفس لكمالاتها المسعدة (5) وكل ما كان كذلك كان واجب الترك ينتج (6) من الشكل الأول ان العجب واجب الترك، اما المقدمة الأولى فجلية مما قررناه، واما الثانية فلان الكمال المسعد (7) واجب الطلب والأسباب المانعة من الاستعدادات للطلب منافية له فكان تركها وسيله إلى تحصيل الواجب وما لا يتم الواجب الا به وكان مقدورا للمكلف كان واجبا، وأنت بعد أن علمت كيفية علاج حسمه عليم بما تصنع، والله ولى توفيقنا وبه هداية طريقنا.