وبيان ذلك أن الوجه الذي ينبغي ان تعتقد هو ان صرف المال في وجوهه معد له لاستحقاق أمثاله وان معبوده هو الجواد المطلق والكريم المطلق و (1) لا توقف لإفاضته العالية على أمر فائت من جهته (2) ولا نقصان عارض لذاته بل على تمام استعداد القابل لاحسانه واستكماله باستعمال العقل في وضع الأشياء مواضعها، فإذا هو عدم ذلك الاعتقاد فقد استلزم ذلك عدم معرفته بالمعبود كما ينبغي، ومن لم يعرفه على الوجه الذي ينبغي ان يعرفه عليه لم يخل (3) في تصوره له من تكيفه (4) بكيفيات غير لائقة بجوده ووصفه بهيئات غير لاحقة لكمال وجوده من تشبيهه (5) بملوك (6) الدنيا وأصحاب الأموال الذين ينسب إليهم الاعطاء والمنع والمفاخرة بجميع الأموال وكثرتها وادخارها، ويتضررون بانتقاصها وعدمها، وان من صفات هؤلاء وجاري عاداتهم جمع الأموال التي هي قوام مناصبهم وبها استقامة أمورهم ومنع كثير من المستحقين وعدم الالتفات من كثير منهم إلى الفقراء والمساكين وكان هذا التشبيه سوء ظن به إذ (7) كان اعتقادا غير مطابق لما عليه الامر في نفسه (8)، وكان مستلزما لمتابعة النفس الامارة بالسوء الحاكمة بان المال هو الكمال الذي ينبغي ان يطلب ويقتنى، وانه ثمرة الأعمال التي يجب ان تجتنى، وان مطلق الانفاق داعية للفقر وسبب للحاجة (9) إلى من للمال عنده حرمة ويجوز ان لا يعطى المستحق ولا يفيض الكمال على المستعد له الناشئ كل ذلك من عدم معرفته كما ينبغي وتصوره على الوجه الذي لا ينبغي وكان (10) ذلك سببا لمنع الموجودات الفانية وسدا لسبل الخيرات الباقية وصدا عن الصعود إلى المقامات العالية، ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا (11) وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر (12) بالتصورات المناسبة لمقتضى الأوامر الشرعية " وأنفقوا
(١٢١)