وردت عليه الأولى في أيام بقيت من صفر سنة عشر وأربعمائة، ذكر موصلها أنه يحملها إليه من ناحية متصلة بالحجاز، نسختها:
" للأخ السديد، والولي الرشيد، الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان " أدام الله إعزازه " من مستودع العهد المأخوذ على العباد.
بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، سلام عليك أيها الولي المخلص في الدين، المخصوص فينا باليقين... أدام الله توفيقك لنصرة الحق، وأجزل مثوبتك على نطقك عنا بالصدق، إنه قد أذن لنا في تشريفك بالمكاتبة، وتكليفك ما تؤديه عنا إلى موالينا قبلك... فقف - أيدك الله بعونه على أعدائه المارقين من دينه - على ما أذكره، واعمل في تأديته إلى من تسكن إليه بما نرسمه إن شاء الله... ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعا... من فتنة قد أنافت عليكم يهلك فيها من حم أجله (أي: قرب) اعتصموا بالتقية من شب نار الجاهلية، يحششها عصب أموية تهول بها فرقة مهدية... إذا حل جمادى الأولى من سنتكم هذه فاعتبروا بما يحدث فيه، واستيقظوا من رقدتكم لما يكون في الذي يليه... ويحدث في أرض المشرق ما يحزن ويقلق، ويغلب على العراق طوائف عن الإسلام مراق، تضيق بسوء فعالهم على أهله الأرزاق... ".
ويظهر من رواية هذه التوقيعات أنها كانت رسائل يمليها الحجة (عجل الله فرجه) ويكتبها بعض ثقاته ثم هو (عليه السلام) يكتب توقيعه على الجهة العليا من الكتاب، كما ذكر في آخر هذا الكتاب نسخة التوقيع باليد العليا على صاحبها السلام: " هذا كتابنا إليك أيها الأخ الولي، والمخلص في ودنا الصفي، والناصر لنا الوفي، حرسك الله بعينه التي لا تنام، ولا تظهر على خطنا الذي سطرناه... أحدا، وأد ما فيه إلى من تسكن إليه، وأوص جماعتهم بالعمل عليه... ".
وإذا كان الشيخ المفيد (قدس سره) قد أدى ما في هذا الكتاب إلى من كان يسكن إليه ومنه وصل إلى الشيخ الطبرسي فذكره في كتابه، فقد روى الطبرسي بعد هذا كتابا آخر إليه في غرة شوال من سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. ولكنه لم يذكر الكتاب وإنما ذكر نسخة التوقيع باليد العليا (صلوات الله على صاحبها): " هذا كتابنا إليك أيها الولي، الملهم للحق العلي، بإملائنا وخط ثقتنا، فأخفه عن كل أحد واطوه، واجعل