أنس، فأرسل معي من يدلني عليه.
وهنا ينتقل الشيخ ورام إلى نقل القول عن المفيد نفسه بلا ذكر سند عنه قال:
قال: ففعل ذلك، وأرسل معي من أو صلني إليه.
فدخلت عليه - والمجلس غاص بأهله - وقعدت حيث انتهى بي المجلس، وكلما خف الناس قربت منه، فدخل إليه داخل فقال: بالباب إنسان يؤثر الحضور بمجلسك وهو من أهل البصرة. فقال: أهو من أهل العلم؟ فقال الغلام: لا أعلم، إلا أنه يؤثر الحضور بمجلسك. فأذن له. فدخل عليه، فأكرمه، وطال الحديث بينهما، فقال الرجل لعلي بن عيسى: ما تقول في يوم الغدير والغار؟ فقال: أما خبر الغار فدراية، وأما خبر الغدير فرواية، والرواية لا توجب ما توجب الدراية. قال: فانصرف البصري ولم يحر جوابا.
قال المفيد (رضي الله عنه): فقدمت فقلت: أيها الشيخ مسألة. فقال: هات مسألتك. فقلت: ما تقول فيمن قاتل الإمام العادل؟ فقال: يكون كافرا. ثم استدرك فقال: فاسقا. فقلت: ما تقول في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ فقال:
إمام. فقلت: فما تقول في يوم الجمل وطلحة والزبير؟ قال: تابا. قلت: أما خبر الجمل فدراية وأما خبر التوبة فرواية. فقال لي: أكنت حاضرا وقد سألني البصري؟ فقلت:
نعم. قال: رواية برواية ودراية بدراية. ثم قال: بمن تعرف؟ وعلى من تقرأ؟ قلت:
أعرف بابن المعلم، وأقرأ على الشيخ أبي عبد الله الجعلي. فقال: موضعك. ودخل منزله وخرج ومعه رقعة قد كتبها وألصقها وقال لي: أو صل هذه الرقعة إلى أبي عبد الله فجئت بها إليه، فقرأها ولم يزل يضحك هو ونفسه، ثم قال لي: أي شئ جرى لك في مجلسه، فقد وصاني بك، ولقبك بالمفيد. فذكرت له المجلس بقصته، فتبسم (1).
فهذان الفقيهان - الشيخ ورام وابن إدريس - اعتمدا في سبب تلقيبه بالمفيد على ما ذكراه، دون ما ذكره معاصرهما ابن شهرآشوب مستندا على ورود لقب " المفيد " فيما رواه شيخه الطبرسي في " الاحتجاج " ويستبعد جدا أن يكونا قد ذهبا إلى ذلك غير عالمين بما قاله عنه ابن شهرآشوب أو برواية الطبرسي للكتابين والتوقيعين، وقد احتج بهما