وفي موضع آخر: " فأولئك هم الظالمون " (1).
والقضاء بين الناس درجة عالية، وشروطه صعبة شديدة. ولا ينبغي لأحد أن يتعرض له حتى يثق من نفسه بالقيام به. وليس يثق أحد بذلك من نفسه حتى يكون عاقلا، كاملا، عالما بالكتاب وناسخه ومنسوخه وعامه وخاصه وندبه وإيجابه ومحكمه ومتشابهه، عارفا بالسنة وناسخها ومنسوخها، عالما باللغة، مضطلعا بمعاني كلام العرب، بصيرا بوجوه الإعراب، ورعا عن محارم الله عز وجل، زاهدا في الدنيا، متوفرا على الأعمال الصالحات، مجتنبا للذنوب والسيئات، شديد الحذر من الهوى، حريصا على التقوى.
فقد روي: أنه نودي لقمان الحكيم حين (2) هدأت العيون: ألا نجعلك يا لقمان خليفة في الأرض، تحكم بين الناس بالحق؟ فقال لقمان: (3) يا رب إن أمرتني أفعل (4)، و إن خيرتني اخترت العافية. قال: فنودي: يا لقمان وما عليك أن نجعلك خليفة في الأرض، تحكم بين الناس بالحق؟ فقال لقمان:
يا رب إن وليت فعدلت فبالحري أن أنجو، وإن أخط (5) طريق الحق تعرضت لسخطك، ومن ذا يا رب يتعرض لسخطك؟! قال: فبعث الله تعالى (6) إليه ملكا، فغطه في الحكمة غطا (7).
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين (8).