أسرته. ومثل قوله عليه الصلاة والسلام: لذو قرنيها في أن المراد به الأمة، وإن لم يجر لها ذكر قوله تعالى " حتى توارت بالحجاب "، وقوله سبحانه: " ولو دخلت عليهم من أقطارها " في أن المراد الشمس والمدينة وإن لم يجر لهما ذكر وقد قال بعضهم المراد بهذا الخبر أنك في هذه الأمة كذي القرنين في أمته، وعلى هذا التأويل أيضا لابد من تسليم الرياسة له على كافتهم، لان ذا القرنين كان مستتبعا ذمة الملوك كلهم، والعالي بالقدرة والبسط على جماعتهم.
هذا إن كان ذو القرنين هو الإسكندر الرومي على ما يقوله بعضهم وإن كان اسم نبي من الأنبياء على ما يقوله الآخرون فموضع الاحتجاج بالفضل أيضا موجود لان ذلك النبي في دهره كان أفضل أمته وخيار أهل دعوته. وقد روى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال وقد ذكر ذو القرنين فقال: دعا قومه إلى عبادة الله فضربوه على قرنيه ضربتين وإن فيكم لمثله. فترى أنه عليه السلام أراد بهذا القول نفسه أي أنا أدعو إلى اتباع الحق وسأضرب على رأسي ضربتين تكون فيهما منيتي فأكون كذي القرنين. وقد يجوز أن يكون النبي عليه الصلاة والسلام أراد يقوله: وإنك لذو قرنيها هذا المعنى والله أعلم.
وقال بعضهم: إنه عليه الصلاة والسلام لما ذكر في أول الكلام الجنة قال: وإنك لذو قرنيها، يريد قرني الجنة: أي طرفيها، فكأنه وصفه ببلوغ غايات المثابين فيها، وفي هذا القول بعد.