(والمجاز الآخر) قوله عليه الصلاة والسلام: بين يدي موته.
ولا يد للموت على الحقيقة. ولكنها كناية عن الشئ الواقع أمام الشئ المتوقع. وقد تكلمنا على هذا المعنى في كتاب مجازات القرآن عند قوله سبحانه في البقرة: " فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها ". وعند قوله تعالى في سبأ: " إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد ". وذلك كما تقول: لمن يسأل عن أحد بالعشيرة وهو سالك طريق، وسائل عن رفيق: ها هوذا بين يديك، أي قد تقدمك، ولا يقال ذلك إلا فيما إذا كنت وراءه، وهو أمامك، لا فيما كنت أمامه وهو وراءك. وكل ذلك إنما يراد به في الأكثر تقريب الشئ من الانسان حتى كأنه لفاف يده (1) وقراب (2) تناوله: كما تقول: هذا الشئ أخذ يدي، أي ممكن لها، وقريب من تناولها.