لا يتصور هنا الا حكم واحد وان الحكم بحرمة التصرف إنما نشأ من شمول لا ضرر بجواز التصرف الثابت بعموم دليل السلطنة) خال عن التحصيل. بل الضرر الناشئ من التصرف ومن تركه في حد سواء بالنسبة إلى أدلة نفي الضرر بعد كون النفي هنا أعم من الدفع والرفع.
وثانيا - ان ما افاده من عدم شمول لا ضرر للضرر الناشئ من قبل هذا الحكم أيضا ممنوع، للقطع بعدم خصوصية لبعض أنواع الضرر في هذا الحكم الامتناني ، وان جميع الأحكام الضررية متساوية الاقدام فيما من الله به على عباده من رفعها عنهم في عالمي التكليف والوضع وجعلهم في فسحة منها، فلو كان لتنقيح الملاك مورد فهذا مورده، هذا كله لو لم نقل بشمول الدليل له بمقتضى الدلالة اللفظية لأن الحكم ورد على عنوان عام وطبيعة سارية إلى جميع مصاديقها.
وثالثا - ان ما افاده في منع الكبرى من عدم جواز الرجوع إلى عموم دليل السلطنة بعد تعارض الضررين لعدم كونهما في رتبة واحدة، ففيه مضافا إلى ما عرفت من ابتنائه على مبنى فاسد وهو كون نفى الضرر من قبيل الرفع لا الأعم منه و من الدفع، انه لا مناص هنا من الرجوع إلى العام الفوق بعد هذا التعارض، لأن البحث في الكبرى إنما هو بعد الفراغ عن الصغرى وقبول وقوع التعارض بين الضررين، ومعلوم انه لا ترجيح لأحدهما على الاخر حينئذ، فكيف لا يتساقطان ولم لا يرجع إلى عموم قاعدة السلطنة، وليت شعري إذا فرضنا صغرى التعارض بين مصداقي الضرر في المقام ولم يجز الرجوع إلى قاعدة نفى الضرر فما الوجه في عدم جواز التمسك بدليل المحكوم أعني قاعدة السلطنة، وما المرجع في المقام لو لم تكن هي المرجع؟.
ورابعا - ان ما افاده من نفى صغرى (الحرج) نظرا إلى أنه عبارة عن مشاق الجوارح لا الجوانح فهو أيضا باطلاقه ممنوع، لأن مشاق الجوانح أيضا كثيرا ما يصدق عليها عنوان الحرج، فالمصائب المؤلمة والحوادث المفجعة أمور حرجية بلا اشكال مع أنها من مشاق الجوانح، وقد قال الله تعالى: (كتاب انزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه) (1) وقال أيضا: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا