على ذلك، وعلى هذا فمن القريب جدا أن يكون قوله: (لا ضرر ولا ضرار) غير صادر عنه صلى الله عليه وآله مستقلا وبلا سابقة دعوى ولا منازعة، بل لعله كان ذلك قضاء في واقعة أو وقايع متعددة، نقله عبادة مجردا عنها، فيحتمل قريبا أن يكون بعينه ما ورد في قضية سمرة مع الأنصاري، أو ما ورد فيها وفى حكمي الشفعة ومنع فضل الماء (بناء على القول بوروده في ذيلها أيضا على ما سيأتي شرحه) وحينئذ لا يجوز لنا الاخذ بما يظهر منه بادي النظر من وروده مستقلا والاستدلال به على أنه كان قضاء مستقلا فليكن هذا أيضا على ذكر منك.
2 - ما أرسله ابن الأثير في النهاية انه صلى الله عليه وآله قال: لا ضرر ولا ضرار في الاسلام واحتمال التقطيع في كلام ابن الأثير عند النقل أيضا قريب فلا يصح عده قضاءا مستقلا 3 - وهنا عبارات مختلفة من محققي أصحابنا تدل على أن الحديث كان متفقا على بين العامة والخاصة:
منها ما ذكره العلامة قدس الله سره في التذكرة في المسألة الأولى من خيار الغبن، قال الغبن سبب الخيار للمغبون عند علمائنا وبه قال مالك واحمد لقوله صلى الله عليه وآله لا ضرر و لا ضرار في الاسلام انتهى.
ويظهر من عبارته ان مستند مالك واحمد أيضا في هذا الحكم هو حديث نفى الضرر، ولكن يحتمل أن يكون دليلا لمختاره ومختار الأصحاب فقط، وكيف كان فتمسك العلامة بهذا الحديث في هذا المقام شاهد على كونه معتمدا عليه عند العامة والخاصة ومنها ما افاده السيد أبو المكارم بن زهرة في الغنية في أواخر أبواب الخيار من كتاب البيع لاثبات حكم الأرش من قوله: ويحتج على المخالف بقوله صلى الله عليه وآله: لا ضرر ولا ضرار.
ومنها ما افاده شيخ الطائفة في المسألة 60 من كتاب البيع من الخلاف في باب حكم خيار الغبن: دليلنا ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا ضرر ولا ضرار انتهى وليعلم انه قدس سره لم يذكر هنا قيد (في الاسلام) مع ذكره في كتاب الشفعة من الخلاف بعينه حيث قال: في المسألة 14 منه ان قول النبي صلى الله عليه وآله لا ضرر ولا ضرار في الاسلام يدل على ذلك فاذن يشكل الاعتماد على ذكره هذا القيد هناك والاستدلال به