العدم، لوضوح ان هذه الموارد من موارد استصحاب العدم.
فمثل قوله (ع) في رواية إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله (ع) ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض وان شك في السجود بعد ما قام فليمض، كل شئ شك فيه وقد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه، وهكذا مصححة زرارة وموثقة ابن أبي يعفور وغيرهما دليل واضح على جريانها في موارد أصالة الفساد فتدبر جيدا.
بقي هنا شئ - وهو ان القول بامارية القاعدة - كما هو المختار - لا يوجب الحكم بثبوت جميع لوازمها وملازماتها، كما دار في السنة كثير من المتأخرين والمعاصرين في باب الامارات وانه تثبت بها جميع ذلك.
مثلا إذا شك بعد الفراغ عن الظهر في صحتها من جهة الشك في الطهارة، فلا اشكال في الحكم بصحتها وصحة ما يترتب على فعلها من صلاة العصر، واما الحكم بتحقق الطهارة حتى لا يجب تحصيلها للصلوات الآتية فلا، بل يجب عليه تحصيلها الصلاة العصر وغيرها، فإن مورد جريان القاعدة هو نفس صلاة الظهر وهي تدل على صحتها، كأنها أمر معلوم بالوجدان من هذه الجهة (أي من حيث اشتمالها على الطهارة المعتبرة فيها) واما تحقق نفس الطهارة مع قطع النظر عن هذه الحيثية فلا (تأمل فإنه لا يخلو عن دقة).
نعم لو اجرى القاعدة في نفس الطهارة بان شك في صحتها بعد احراز أصل وجودها، كانت كأنها حصلت بالوجدان، فلا يجب تحصيلها للصلوات الآتية.
والسر في جميع ذلك ما ذكرناه في محله من أن كون شئ امارة لا يلازم اثبات جميع (ملازماته) وما يقال من اثباتها جميع اللوازم والملازمات ولو بألف واسطة حديث ظاهري خال عن التحقيق، ولو بنى عليه لزم فقه جديد كما لا يخفى على الخبير، بل إنما يترتب عليها من الآثار الواقعية ولوازمها في موردها بمقدار ما ينصرف إليه اطلاق أدلتها، ويختلف ذلك باختلاف المقامات.