واذان المؤذن وإقامة المقيم للجماعة، وصلاة الميت وتغسيله وحج النائب، وأشباهها وكذا في أبواب المعاملات كالمعاملات الصادرة من الوكلاء، وأبواب الذبائح والجلود والثياب والأواني التي يغسلها الغير، ونظائرها، فإنه لا شك لاحد في أن المسلمين في جميع الأعصار و الأمصار يعاملون مع هذه الأفعال إذا صدرت من غيرهم معاملة الصحة، ولا يتوقفون عن ترتيب آثارها عليها استنادا إلى انهم شاكون في صحتها، وكذلك جرى ديدنهم على حمل أفعال أولياء الصغار والمجانين، أوصياء الأموات ومتولي الأوقاف وجباة الصدقات على الصحيح وهذا أمر معلوم لكل من عاشرهم ولو أياما قلائل.
وفى بعض هذه الموارد وان كانت قواعد وامارات اخر تقتضي صحتها، كقاعدة اليد، و سوق المسلمين ونحوهما، الا ان الناظر فيها بعين الانصاف يعلم علما قطعيا ان عملهم في هذه الموارد لا يكون مستندا إلى هذه القواعد بل المدرك فيها جميعا هو قاعدة الصحة وان كانت مؤيدة في بعض مواردها بقواعد وامارات أخرى، كما أنه لا يحتمل استناد المجمعين في جميع هذه الموارد على اختلافها إلى نصوص خاصة وردت فيها والعجب من المحقق النراقي (قده) حيث أنكر هذا الاجماع العملي في (عوائده) ولكن الظاهر - كما يظهر بمراجعة كلامه - ان عمدة اشكاله نشأت من تعميم البحث وعقد عنوانه للأفعال والأقوال، ولكنك خبير بان للبحث في الأقوال الصادرة عن الغير مقاما آخر لا يرتبط بالمقام.
بل التحقيق انه لا ينحصر هذا الاجماع العملي بالمسلمين بما هم مسلمون بل مدار أمور العقلاء على اختلافهم في العقائد والمذاهب والآراء والعادات، في جميع الأزمنة والعصور عليه، كما يظهر بأدنى تأمل في معاملاتهم وسياساتهم وغيرها فما لم يثبت فساد عمل الغير لهم يحكمون بصحته ويطالبون مدعى الفساد في الافعال التي صدرت عن غيرهم من الوكلاء والأوصياء والخدام وأرباب الحرف والصنائع وآحاد الناس الدليل على ما ادعاه، والا لا يتأملون في ترتيب آثار الصحة عليها.
اللهم الا أن يكون هناك امارات الفساد وبعض قرائنه، أو يكون الفاعل متهما