الفعل ضروري العدم، وما هذا شأنه لا تتعلق به الإرادة، ولا يتصور الاختيار في حقه في كل واحد من طرفي الفعل والترك، كحركة يده المرتعشة، فلا يقدر اختيار الحركة ولا عدم الحركة.
نعم لو كانت التوبة عبارة عن صرف الندم - كما يظهر عن بعض الأخبار وتقدم نقله عن الصحيفة السجادية سلام الله عليه من قوله عليه السلام " إن كانت التوبة ندما فأنا أندم النادمين " 1 - لا مانع من تحقق التوبة عن فعل فعل وفعلا في حال التوبة عاجز عن العود إليه، كما يتفق لكثير من الشيبة العاجزين من ارتكاب الحرام الذي ارتكبه أيام شبابه، لكن نادم على فعله غاية الندم، ويبكي صدوره منه بكاء المضطر الحزين، ويتأسف منتهى الأسف ويتضرع ويبتهل إلى الله نهاية الابتهال.
فهل لمثل هذا يمكن أن يقال ليس بتائب لأنه عاجز عن العود وليس راجعا إلى الله من غيه وضلاله وهو بعيد عن مقام القرب إليه تعالى؟!
نعم لو كان في نيته العود إن قدر فليس بتائب قطعا، ولكنه في قلبه أنه على تقدير إن مكنه الله من ذلك الفعل وأقدره الله تعالى يكون تاركا، فيصدق في حقه العزم المعلق، فالظاهر عدم الاشكال في صدق التوبة، والقدرة الفعلية ليس بشرط فيها.
وخلاصة الكلام: أن ضرورة الفعل والترك لمرجح أو لمصلحة في أحدهما لا يضر بالاختيار، وأما الضرورة لعدم القدرة على ضده ينافي الاختيار. ولكن الكلام في أنها تحتاج إلى العزم الفعلي على الترك، أو يكفي العزم المعلق على القدرة، أو لا يحتاج حتى على المعلق منه بل يكفي في تحققها صرف الند؟
والتحقيق في هذا المقام هو التفصيل بين ما إذا كان الفعل مقدورا له، فالتوبة وإن كان حقيقتها الرجوع إلى الله والندم مما فعل وارتكب من المعاصي، ولكن هذا