المديون في المثليات من أول الأمر بالمثل، والمفروض أن له المثل الذي له مالية فلم يحدث شئ يخرجه عن الضمان بالمثل الذي هو الأصل في باب المثليات في القرض، والنظر في باب القرض غالبا إلى حفظ مالية العين المقروضة، والمفروض أنها محفوظة.
نعم التنزل والترقي السوقي لا يخرج المثل عن كون العين المقروضة محفوظة بماليتها، لان مقدار مالية الشئ ليس شيئا ثابتا لا يتغير، بل يتبدل باختلاف الأزمنة والأمكنة، وعلى هذا يدور في الأغلب مدار المعاملات والتجارات.
نعم لو سقط من المالية بالمرة، أو كان في نظر العرف كالسقوط بالمرة يتحول الضمان من المثل إلى القيمة. ومثلوا لذلك بأنه لو اقترض قربة من الماء في البادية التي لها قيمة يعتني بها، فوصل المقرض والمقترض إلى الشط، ومعلوم أن قربة الماء عند الشط لا قيمة لها ولا يعتني أحد بها، ففي مثل هذا المورد ينتقل الضمان من المثل إلى القيمة. فيبقى الكلام في أن الضمان بقيمة أي يوم.
ثم إن تلف مالية الشئ قد يكون دفعيا وقد يكون تدريجيا، ففي الأول ينتقل الضمان من المثل إلى القيمة حال التلف، وذلك كالأوراق المالية التي تعلن الدولة بعدم اعتبارها، كورقة مائة دينار إن أسقطها الدولة عن الاعتبار فلا يشتريها أحد بفلس واحد.
وأخرى يكون تدريجيا، وذلك كالقربة من الماء في البادية، فإنها تقل قيمتها كلما يقرب من الشط إلى أن يصل إلى الشط، فيسقط بالمرة وكالثلج يقترضه في الصيف وكلما يقرب إلى الشتاء تقل قيمته إلى أن يصل إلى الشتاء في البلاد الباردة فيسقط عن القيمة بالمرة.
ففي القسم الأول الانتقال إلى القيمة في نفس ذلك اليوم الذي يحصل التلف، وأما في القسم الثاني حيث أن التلف فيه تدريجي، لا تخلو المسألة من إشكال، لأنه