لا يمكن القول بأنه إذا شرع في نقص القيمة ولو كان بمقدار قليل، فينتقل الضمان من كونه مثليا إلى القيمة، إذ لا وجه لهذا الانتقال، إذ المثل موجود وله قيمة يعتني بها، فالانتقال لابد وأن يكون بدليل معتبر، وإلا فلا وجه له.
وأما القول بأن الانتقال حال وصول النقص إلى أقصاه وسقوطه عن القيمة، فهذا خلاف المقصود والمفروض، إذ المقصود من الانتقال إلى القيمة حفظ مالية المال المفروض، فالانتقال إلى القيمة بعد سقوط القيمة خلاف الفرض.
ولا يبعد أن يقال: إن المقترض يضمن يوم السقوط عرفا وإن كان لم يسقط بالمرة، بل له قيمة عرفية يعتني بها، ويجوز أن يقال عليه قيمة يوم مطالبة المقرض، ولكن لابد وأن يقيد بما إذا لم يكن الأداء يوم سقوط القيمة بالمرة، وإلا يكون خلاف الفرض وخلاف المقصود.
ثم إنه ورد في هذه المسألة - أي مسألة الاقتراض دراهما ينفق ويتعامل بها يسقطها السلطان ويأتي بدراهم جديدة - روايات لا بأس بذكرها تبركا وتيمنا:
منها: رواية يونس قال: كتبت إلى الرضا عليه السلام: إن لي على رجل ثلاثة آلاف درهم، وكانت تلك الدراهم تنفق بين الناس تلك الأيام وليست تنفق اليوم، فلي عليه تلك الدراهم بأعيانها أو ما ينفق اليوم بين الناس؟ قال: فكتب إلي: " لك أن تأخذ منه ما ينفق بين الناس كما أعطيته ما ينفق بين الناس " 1.
ومنها: أيضا ما عن يونس قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام إنه كان لي على رجل عشرة دراهم، وإن السلطان أسقط تلك الدراهم، وجاءت بدراهم أعلى من تلك الدراهم الأولى ولها اليوم وضيعة، فأي شئ لي عليه، الأولى التي أسقطها