هذين لكثير من أهل الخلاف، كما حكيناهم عن الجواهر ومخالفة تلك لهم (1).
وإن كان يمكن أن يقال: كل واحدة من هاتين الطائفتين مخالف لبعضهم وموافق للبعض الآخر، وعلى كل حال الذي راجع أخبار التقدير يقطع ببطلان هذه الفتوى الذي صدر عن القاضي المصري، ومثله في الشذوذ ما نقل عن الإسكافي: أنه ذهب إلى أن الرضاع المحرم هو الرضعة الكاملة حتى يمتلأ بطنه (2).
قال: في محكي الجواهر: قد اختلف الرواية من الوجهين جميعا في قدر الرضاع المحرم، إلا أن الذي أوجبه الفقه عندي - واحتياط المرء لنفسه - أن كلما وقع عليه اسم رضعة - وهي: ملا بطن الصبي إما بالمص أو بالوجور - محرم للنكاح (3).
وهذا القول وإن كان لا ينافي أصل التقدير، لأنه في الحقيقة تقدير برضعة كاملة وليس عبارة عن مسمى الرضاع قليلا كان أو كثيرا، إلا أنه مخالفة المشهور، بل مخالفة إجماع الإمامية مثل القول الأول.
وما يمكن أن يكون دليلا لهذا القول روايات:
منها: رواية زيد ابن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: (الرضعة الواحدة كالمائة رضعة لا تحل له أبدا) (4).
ومنها: مضمرة ابن أبي يعفور وفيها قال: سألته عما يحرم من الرضاع؟ قال: (إذا رضع حتى يمتلئ بطنه، فإن ذلك ينبت اللحم والدم، وذلك الذي يحرم) (5).