اللحوم والجلود، واحتمال كونهم أحرار في العبيد والإماء، واحتمال كونه مال الغير وأنه سرق أو غصب في سائر الأموال - يوجب تعطيل الأسواق واختلال أمر المسلمين في معاملاتهم، وهذا أمر مرغوب عنه عند الشارع، فعدم الاعتناء بأسواق المسلمين وترتيب الأثر على هذه الوساوس منفور عنه.
الثاني: الاجماع على حجية السوق، فإنه من قديم الزمان لم يشكك أحد في حجية السوق وفي أنها أمارة التذكية.
ولكنك عرفت ما ذكرنا مرارا من عدم اعتبار مثل هذه الاجماعات التي لها مدارك للمتفقين يعتمدون عليها، وليس من الاجماع المصطلح الذي بنينا في الأصول على حجيته، وكشفه عن رأى المعصوم عليه السلام.
الثالث: الاخبار: منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخفاف التي تباع في السوق؟ فقال: (اشتر وصل فيها حتى تعلم أنه ميتة بعينه) (1).
وبعد الفراغ من أن الظاهر أن المراد من السوق هو سوق المسلمين، فأمره عليه السلام باشتراء تلك الخفاف المشكوكة - أنها مأخوذة من المذكى أو من الميتة والصلاة فيها حتى تعلم بأنها مصنوعة من الميتة - يدل على أن السوق أمارة التذكية، إلا أن تعلم بخلافها، وإلا فمقتضى أصالة عدم التذكية التي هي من الأصول التنزيلية هو عدم جواز شرائها، وعدم جواز الصلاة فيها، فلا بد وأن يكون هناك أمارة حاكمة على ذلك الأصل، وليست هي إلا السوق حسب المتفاهم العرفي من نفس هذه الرواية.